النحات والملك قصة جميلة



 يُحكى في إحدى الأساطير القديمة أنّ نحّاتًا كان يعيش في الجبال ويعمل في مهنة النحت على الصخور والحجارة، لكنّه لم يكن سعيدًا أو راضيًا عن حياته، وفي يومٍ من الأيام بينما كان غارقًا في النحت على صخرة عظيمة وهو يتصبّب عرقًا، وملامح التعب بادية عليه مرّ بالقرب منه موكب الملك بفخامته وعظمته، فأغمض النحّات عينيه وتمنّى لو أنّه يصبح مثله.

وفجأة بفعل قوّة غريبة تحوّل حقًا إلى ملك، ففرح كثيرًا وعاش أيامًا من العزّ والرفاهية إلى أن أدرك أنّ هنالك ما هو أقوى من الملك!

خرج في أحد الأيام للصيد، وكان الجوّ حارًّا والشمس تضرب بأشعتها كلّ كائن على الأض، فتمنّى حينها أن يكون شمسًا، وبالفعل كان له ذلك… فتح عينيه ووجد انّه قد تحوّل إلى الشمس، وقضى مدّة من الزمن سعيدًا بحالته الجديدة إلى أن عبرت في يوم من الأيام الغيوم من أمامه وغطّت ضوءه فانبهر بقدرة الغيم على تغطية نوره، ومجدّدًا تمنى أن يكون غيمًا، وفي لمح البصر تحوّل إلى غيمة…

وهكذا سار في هيئته الجديدة يجوب بقاع الأرض إلى أن وصل إلى أرض جبلية بعيدة، وذُهل من علوّ الجبال وشموخها الذي يعانق الغيوم، فتمنّى أن يكون جبلاً… وبالطبع كان له ذلك! تحوّل إلى جبل عظيم شاهق، وفرح بشكل الجديد أيّما فرح، إلى أن رأى في يوم من الأيّام نحّاتًا يحفر في الصخر ويحوّله إلى أشكال ومجسمّات مبهرة أذهلته… فأغمض عينيه، وتمنى أن يكون نحّاتًا، ليعود من جديد إلى هيئته وحقيقته الأولى…

العبرة من القصّة

من منّا لم يتمنى في يوم من الأيام أن يكون غنيًّا أو مشهورًا أو أن يحصل ويمتلك ما يراه لدى غيره، معتقدًا أنّه سيحقّق بذلك السعادة ويصل إلى قمة الرضا، لكن وبمجرّد أن يتحقق حلمه، نجده يشعر بالخيبة، وقد يدخل في دوّامة الاكتئاب لأنه اكتشف أنّ ما حصل عليه لم يحقق له السعادة التي كان يتخيّلها.
تؤكّد لنا هذه القصّة وإن لم تكن حقيقية أنّ فكرة “العشب على الجانب الآخر أكثر خضرة” أو كما يُقال بالإنجليزية: “The grass is greener on the other side” ليست صحيحة دائمة، وأنّ السعادة الحقيقية لا تنبع من الخارج وإنّما مصدرها داخلي، منك أنت وحدك!
إن لم تكن قادرًا على الشعور بالسعادة والرضا وأنت في وضعك الحالي، فمن غير المحتمل أن تكون سعيدًا حقًا إن حقّقت المزيد أو وصلت إلى مراتب أعلى.
لا أعنى هنا أن تتوقف عن المحاولة للوصول إلى مكان أفضل، لكن ما أريد قوله هو أن تكون راضيًا بما تملك، سعيدًا بما لديك في الوقت الحالي، وآملاً وطموحًا بتحقيق ما هو أفضل في المستقبل.

الرضا والامتنان هما مصدر السعادة الحقيقية!

أيّ القصص أعجبتكم أكثر؟ وما هي العبرة التي خلصتم بها من هذه القصص؟ شاركوني آراءكم من خلال التعليقات.


بقلم : دلال قصري


أحدث أقدم