يُحكى عن مزارع صيني أنّه كان يملك حصانًا هرب منه، ولم يعثر له على أثر. فجاء أهل القرية إليه في ذلك المساء وراحوا يواسونه قائلين: “إنّه أمرٌ مؤسف حقًا!”، فكان جواب المزارع: “ربّما…”.
في اليوم التالي عاد الحصان إلى المزرعة ومعه سبعة خيول أخرى، فجاء القروييون إليه مجدّدًا يباركون له ويهنؤونه بعودة الحصان قائلين: “هذا خبر رائع ومفرح حقًا! أليس كذلك؟”، فأجاب المزارع مجدّدًا: “ربّما!”.
وفي اليوم الذي يليه، كان ابن المزارع يحاول امتطاء صهوة أحد الأحنصة السبعة، فوقع أرضًا، وكسر ساقه، ومرّة أخرى جاء القروييون مساءً يطمئنون على المصاب قائلين: “إنّها حادثة مؤسفة للغاية”، فردّ المزارع: “ربّما!”
وهكذا، في الغد، جاء ضبّاط عسكريّون إلى القرية، وأخذوا كلّ شبّان القرية لتجنيدهم في الجيش، لكنّهم لم يأخذوا ابن المزارع بسبب إصابته، فجاء أهل القرية مرّة أخرى قائلين: “إنّه خبر سارّ حقًا، أليس كذلك؟”، فماذا كان ردّ المزارع يا ترى؟
أجل…لقد أجاب بكلمته المعتادة: “ربّما!”
واستغرب أهل القرية ردّه الثابت الذي لا يتغيّر سواءً كان الحدث سارًّا أو محزنًا، لكنّه في الواقع ردّ حكيم وعميق ينمّ عن رضا المزارع وثقته التامّة بما كتبه الله لهّ
العبرة من القصّة
علينا أن نكون حذرين عند وصف ما يصيبنا من أحداث بأنها جيدة أو سيئة، فما نظنّه سيئًا قد يكون فيه خير عظيم لنا، وما قد يُخيّل لنا أنّه أمر جيد ربّما فيه شرّ كبير.
العالم أعقد ممّا نظن، ولا أحد يعلم ما في الغيب، وهنا لا بدّ أن نتذكّر دومًا الآية الكريمة:
“وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” – {البقرة:216}
بقلم الكاتبة : دلال قصري